القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة المؤامرة الألمانية ضد الجزائر في كأس العالم 1982 ( فضيحة خيخون )

 في عام 1981 تمكن منتخب الجزائر من تحقيق إنجاز تاريخي إثر تمكنه من الوصول نهائيات كأس العالم المقامة في إسبانيا عام 1982 ،  بعد مسيرة شاقة في التصفيات المؤهلة فالجزائر تمكنت من الفوز على أصعب منتخبات القارة الافريقية حينها.


قصة المؤامرة الألمانية ضد الجزائر في كأس العالم 1982 ( فضيحة خيخون )
فضيحة خيخون

 وفي المرحلة النهائية تمكن من اقصاء منتخب نيجيريا المتحصل على لقب كأس افريقيا عام 1980.


فالجزائر كانت تمتلك حينها جيلا من أعظم الأجيال التي مرت عبر تاريخها ، وكان ابرزهم الأسطورة رابح مادجر  وعلي بالشيخ والاخضر البلومي ،  بالاضافة الى الحارس مهدي سرباح.


وشاءت الأقدار أن تضع القرعة الجزائر في المجموعة الثانية إلى جانب كل من منتخبات ألمانيا الغربية والنمسا والشيلي.


ولم يكن لدى المدرب رشيد مخلوفي أي شك بأن الجزائر قادرة على تخطي دور المجموعات ولذالك قرر اللعب بطريقة هجومية أمام أي خصم يعترض الجزائر.  


وكانت البداية بمنتخب ألمانيا الغربية والذي تنقل لإسبانيا بغاية الفوز بالمونديال، وسبقت المباراة تصريحات بينت عجرفة الألمان ، حيث تعهد المدرب الألماني بوب درفال العودة بأول قطار إلى ألمانيا في حال خسارة منتخبه ، كما قال لوثار ماتيوس "سأسجل بنفسي الهدف الثامن في مرمى الجزائر". 


غير  أن عصاد ، ماجر وبلومي وثلة من خيرة لاعبي الخضر، كان لهم رأي آخر وحققوا أحد أكبر المفاجأت في تاريخ المونديال. 


بدأت المباراة وظهر لاعبي الجزائر بأداء لم يتخيله الألمان ، وبعد سيطرة جزائرية إنتهى الشوط الأول بنتيجة التعادل السلبي ، وظن نجوم منتخب ألمانيا أن المنتخب الجزائري سينهار بدنيا مع بداية الشوط الثاني، إلا أن محاربي الصحراء واصلو السيطرة مادفع الألمان بالتقدم نحو مناطق الجزائر بعدد كبير من اللاعبين بغية التسجيل.


وهنا حدث مالم يكن في الحسبان ، حينما مرر جمال زيدان كرة أمامية إلى المايسترو لخضر بلومي الذي انفرد بالحارس الألماني هاريل شوماخير والذي بدوره تمكن من التصدي ، إلا أن الكرة عادت أمام القناص رابح مادجر ليتمكن من التسجيل وكتابة أول سطر في تلك المواجهة التاريخية. 


وهنا زاد شعور المنتخب الألماني بخطورة الموقف واندفعوا بشراسة الى مرمى الحارس مهدي سرباح ، ونجحوا في تسجيل هدف التعادل بعد تمريرة عرضية التقطها المهاجم كارل هانز رومينيجي في الدقيقة 67.


إلا أن نجوم منتخب ألمانيا لم يتوقعو أن منتخب الجزائر لن يكتفي بهذا القدر ، وفي أقل من دقيقة إندفع الجزائريين لمناطق ألمانيا وتمكن عصاد من تخطي مدافعي منتخب ألمانيا من الجهة اليسرى وأرسل عرضية داخل منطقة الجزاء التقطها المايسترو لخضر بلومي وسجل على إثرها هدف التقدم لمنتخب الجزائر. 


لتنتهي المباراة بفوز تاريخي لمنتخب الجزائر على أحد المنتخبات المرشحة بقوى للفوز باللقب. 


أما المباراة الأخرى في المجموعة فقد جمعت منتخب النمسا بمنتخب الشيلي أسهل منتخبات المجموعة. وتمكن المنتخب النمساوي من تحقيق الانتصار ، بفضل هدف اللاعب وولتر شتاتشنر ، لتنقسم الصدارة حينها بين الجزائر والنمسا برصيد نقطتين لكل منهما ،  حيث أن المنتخب الفائز حينها كان يتحصل على نقطتين فقط.


أما الجولة الثانية ، فقد أعاد  التنظيم أوراق المجموعة ، فمنتخب ألمانيا الغربية لم يجد اي صعوبة  أمام منتخب الشيلي وتمكن من الفوز عليه برباعية ، سجل منها اللاعب كارل هانز رومينيجي ثلاثية ، قبل ان يتمكن ريندرز من تسجيل الهدف الرابع في الدقيقة 81 ليتمكن منتخب الشيلي بعدها في الدقيقة 90 من تقليص الفارق وتسجيل هدف وحيد.


وفي الجهة المقبلة كان منتخب النمسا قد اتخذ كل الإحتياطات اللازمة لمواجهة الجزائر ، وبالفعل انهزم محاربي الصحراء أمام نظيرهم النمساوي بنتيجة هدفين لصفر بعد أن سجل كل من والتر تشاتشنر في الدقيقة الـ55 وجون كرانكل في الدقيقة الـ67 ، ولم تكن النمسا أقوى من الجزائر.


 فقد صرح اللاعب لخضر بلومي بعد المباراة قائلا أنه كان بالإمكان أفضل مما كان ، فقد كان ينقصنا الخبرة وظننا أننا من الممكن أن نتغلب على النمسا بنفس الطريقة التي فزنا بها على منتخب ألمانيا الغربية. 


وبهذا أصبح منتخب الجزائر يحتل المرتبة الثالثة خلف منتخب ألمانيا الغربية بفارق الأهداف. 


وكان على زملاء رابح مادجر ضمان الفوز على منتخب الشيلي في الجولة النهائية بأكبر عدد ممكن من الأهداف.


وبالفعل تمكن منتخب الجزائري في مباراته الثالثة في المونديال من ضرب شباك منتخب الشيلي بثلاثية في الشوط الأول ، سجل منها صالح عصاد ثنائية في الدقيقة الـ 7 والدقيقة الـ 31 ، قبل أن يتمكن اللاعب تاج بن صاولة من تسجيل الهدف الثالث في الدقيقة الـ35 ، ليدخل محاربي الصحراء إلى حجرات الملابس بتقدم كبير بثلاثية نظيفة كانت ستجعلهم يبتعدون عن أية حسابات.


إلا أن المدرب رشيد مخلوفي لم يرد الإكتفاء بهذا القدر وقرر مواصلة الضعط على منتخب الشيلي في الشوط الثاني ، وهنا تعرض منتخب الجزائر لخيبة كبيرة فلم يستطع الخضر تسجيل هدف آخر ، وفي المقابل تمكن منتخب الشيلي من الحصول على ركلة جزاء في الدقيقة الـ59 وتمكن اللاعب ميجايل نيرا من تنفيذها بنجاح ، قبل أن يتمكن منتخب الشيلي من إضافة هدف آخر في الدقيقة الـ 73.


وهنا أدرك الجزائرين أن  عليهم انتظار المباراة الختامية والتي ستجمع بين منتخب ألمانيا الغربية ومنتخب النمسا. 


وبعد 10 دقائق من انطلاق المباراة تمكن هورست هروبيتش من تسجيل هدف لصالح المنتخب الألماني ، وكانت هذ النتيجة تعني تأهل منتخب ألمانيا في المرتبة الأولى ومنتخب النمسا في المرتبة الثانية ، وعلى إثر ذالك الهدف لم يحاول المنتخبين الهجوم واكتفوا بالتمريرات وجعلوا الدقائق تمر ، ليدرك متابعي المنتخب الجزائري أن المباراة انتهت في الدقيقة الـ10، بإتفاق يسمح بتأهل المنتخبيين الألماني والنمساوي وإقصاء الجزائر، وهنا كانت الفضيحة. 


فقد قال معلق المباراة النمساوي أن هذه فضيحة كروية ، وعار على دولتنا بأكملها وأنا أرفض أن أوافق على هذا العار، أن خجل من منتخب بلادي وعليكم أن تشعرو بالمثل. 


كما عضب التلفزيون الألماني من أداء منتخب بلاده وطلب من الألمان اغلاق التلفاز وعدم متابعة هذا العار ، ووصفت صحف النمسا المباراة بأنشلوس وهي المعركة التي ضمت فيها ألمانيا النازية النمسا عام 1938. 


وكان الوضع مشابها في المدرجات فلم يهدأ لجمهور المنتخبين بال وواصلو التصفير لدقائق عديدة في احتجاج على مافعله اللاعبين ، وأخرجوا النقود في إشارة منهم للمؤامرة وأنهم يباعون ويشتارون بالمال. 


وفي اليوم التالي احتجت الجزائر لدى الإتحاد الدولي لكرة القدم ، لكن دون جدوى وعرفت تلك الفضيحة فيما بعد بفضيحة خيخون نسبة للمدينة التي اقيمت فيها المباراة بين المنتخبين.


بعد نهاية المونديال ، قامت الفيفا بتقديم مشاريع لتغيير قوانينها ، وكان أهمها عقد المبارتين الاخيرتين في نفس المجموعة في نفس الوقت ، وذلك كردة فعل على الهجمات المتكررة الاي تعرضت لها من قبل الصحف العالمية ، والتي اتهمتها فيها عن الامتناع عن معاقبة المتآمرين.


وبالرغم من خروج منتخب الجزائر ، إلا أن ذلك الجيل من لاعبيها ، سيبقى في ذاكرة التاريخ الرياضي.


وكان أجمل ما يعبر عن الجزائر في تلك الفترة هو ما كتبته صحيفة كارديان الإنجليزية ، والتي قالت أن أن منتخب الجزائر خرج من المسابقة بعز وكرامة ، وتأهل منتخبا ألمانيا والنمسا بالخزي والعار.

تعليقات